سرية أبي سلمة
أول من قام ضد المسلمين بعد نكسة أحد هم بنو أسد بن خزيمة، فقد نقلت الأخبار إلي المدينة أن طلحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما يدعون بني أسد بن خزيمة إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسارع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعث سرية قوامها مائة وخمسون مقاتلاً من المهاجرين والأنصار، وأمر عليهم أبا سلمة، وعقد له لواء. وباغت أبو سلمة بني أسد بن خزيمة في ديارهم دون قتال قبل أن يقوموا بغارتهم، فتشتتوا في الأمر، ، وعادوا إلى المدينة سالمين غانمين لم يلقوا حرباً.
كان مبعث هذه السرية حين استهل هلال المحرم سنة 4 ه. وعاد أبو سلمة وقد نفر عليه جرح كان قد أصابه في أحد، فلم يلبث حتى مات.
سرية عبد الله بن أٌنيس
وكانت في الخامس من المحرم سنة 4ه بعد سرية أبي سلمة ، وكان الهدف منها لفت نظر العدو إلى قوة المسلمين، وإحباط مخططاته، حيث تبادر إلى أسماع المسلمين أنّ خالد بن سفيان الهذلي يجمع المقاتلة من هذيل في عرفات من أجل غزو المدينة، مظاهرةً للمشركين، ومعاداة للمؤمنين، وطمعاً في خيرات المدينة.
فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إخماد تلك المؤامرة في عقر دارها، وكلف الصحابي الجليل عبد الله بن أنيس الجهني بالقيام بتلك المهمة، فانطلق عبد الله حتى أتى خالد بن سفيان ، وتعرف على صفته التي نعته بها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أوهمه أنّه جاء للانضمام إليه، فلما تمكن منه حمل عليه بسيفه، فأرداه قتيلاً، وعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما فعل، فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاه عصاه إكراماً له، ولتكون علامة بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
و يستفاد من هذه الحادثة:
دقة الرصد الحربي عند الرسول وأصحابه، ومتابعة تحركات العدو ومؤامراته، وضرورة مباغتته في عقر داره، وفراسته صلى الله عليه وسلم في اختيار الرجال، وتكليف كلٍّ بما يتناسب وقدراته، فقد اختار عبد الله لهذه المهمة لما يتمتع به من قوة قلب، وثبات جنان، ورسوخ يقين، إلى جانب ما يمتاز به من معرفة بمواطن القبائل لمجاورتها ديار قومه "جهينة".
وهكذا استطاع المسلمون بإخلاص جهادهم في سبيل الله أن يبثّوا الرعب في قلوب الأعداء، ويشعروهم بقوة إيمانهم ورسوخ عقيدتهم، ويضطروهم إلى المسالمة، وعدم الاعتداء.
بعث الرجيع
كانت بعض قبائل العرب تريد الثأر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريقة غير مألوفة، وهو أسلوب الغدر والخيانة، وبدا ذلك على قبيلة هذيل التي سعت بجهدها للثأر من المسلمين، فلجأت إلى إرسال قبيلتي عضل والقارة إلى رسول الله ليطلبوا منه من يخرج معهم من دعاة الإسلام، وجعلت قبيلة هذيل لتلك القبيلتين جُعلاً لهم إن هم حققوا الهدف المنشود وهو الغدر والخديعة.
فعندما وصلت تلك القبيلتين إلى المدينة ذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا له: " إن فينا إسلاماً، فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا ويقرئوننا القرآن، ويعلمونا شرائع الإسلام " .
فاستجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلبهم، وأرسل معهم عشرة من الصحابة، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، فلما وصل الصحابة إلى الرجيع - وهو موضع ماء لهذيل بالحجاز - ، غدر القوم بهم، واجتمع عليهم نفرٌ من هذيل، يقال لهم بنو لحيان، وكانوا نحواً من مائتي رجل، كلهم يحسن الرماية، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى مكان مرتفع، وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا وأعطونا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق ولا نقتل منكم أحدا، فقال عاصم أمير السرية، أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، فجعل عاصم يقاتلهم وهو يقول: " اللهم حميتُ دينك أول نهاري، فاحمِ لي لحمي آخره،! وكانوا بنو هذيل يجردون كل من قُتل من الصحابة، ثم قاتل رضي الله عنه حتى قتل في سبعة من أصحابه بالنبل، واستجاب الله دعاء عاصم فلم يتمكن المشركون من جثته حيث أرسل الله عليهم الدَّبر (الزنابير وهي حشرة أليمة اللسع) ليحمي جثته رضي الله عنه فلم يقدروا على شيء منه.
وأما البقية وهم خبيب الأنصاري و ابن الدثنة ورجل آخر، فقد نزلوا إليهم بالعهد والميثاق، فلما استمكنوا منهم، غدروا بهم فربطوهم وأوثقوهم، ثم قتلوا الرجل الثالث لأنه أبى وامتنع عن المسير معهم لما رأى الغدر والخيانة، وانطلقوا بخُبيب ، و ابن الدثنة حتى باعوهما بمكة، فاشترى خُبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف ، وكان خُبيب قد قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيراً.
وروي أنه تمكن من طفل لابنة الحارث ، فلم يصبه بأذى، حتى إنها شهدت له بالخيرية، فقالت: والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب ، والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمر، وكانت تقول إنه لرزق من الله رزقه خبيبا ، فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب ذروني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا، ثم قال:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله و إن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
وكان خبيب أول من سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا، والحادثة رواها البخاري في صحيحه.
وأما زيد بن الدثنة رضي الله عنه فاشتراه صفوان بن أمية ، فقتله بأبيه يوم بدر وهو أمية بن خلف فعندما أخرجوا زيداً من الحرم إلى التنعيم ليقتلوه، قام رهط من قريش واجتمعوا عليه وكان فيهم أبو سفيان ، فقال أبو سفيان عندما أقبل على زيد : " أنشدك الله يا زيد ، أتحب أن محمداً عندنا الآن في مكانك تضرب عنقه، وأنك في أهلك، قال: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان : ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً ". ثم قام مولى لصفوان بقتل زيد رضي الله عنه.
وقد عرفت هذه الحادثة المفجعة بالرجيع، نسبة إلى ماء الرجيع الذي وقعت عنده الحادثة.
وهذه الحادثة مع أنها فجيعة مؤلمة، إلا أنه يستفاد منها دروس وعبر:
أبرزها الحذر من غدر الغادرين، وعدم الاعتماد على عهود الكافرين، إضافة إلى أهمية الصبر وأثره في حياة المؤمن، وخاصة في المواقف الحرجة والصعبة، فالصبر هو طريق الجنة الموصل إليها، قال تعالى:{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } (آل عمران:142)، وتفيد أيضاً كيف أن الله سبحانه يكرم بعض عباده بكرامات تزيد إيمان أوليائه، وتؤثر في نفوس أعدائه، وأن الأمور بخواتيمها، فمن مات صابراً محتسباً له البشارة من الله، قال تعال: { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} (البقرة:155)،
ويستفاد من الحادثة أن الله سبحانه يبتلي عبده المؤمن بما شاء، وتفيد أيضاً استجاب الله دعاء المسلم وإكرامه حياً وميتاً، وتفيد كذلك اللجوء إلى الله تعالى وقت الشدة، وفي هذه الحادثة برزت المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه.
غزوة بني النضير
بني النضير احدي ثلاث طوائف ,كانت تسكن حول المدينة من اليهود,و قد وادعهم الرسول صلي الله علية و سلم يوم قدم المدينة مهاجرا,و كتب لهم كتابا فنقضت بنو قينقاع عهدها أول ما نقض بعد غزوة بدر مباشرة-كما تقدم-فأجلاهم الرسول صلي الله علية و سلم و لم يقتلهم أذ قبل فيهم شفاعة حليفهم عبد الله بن أبي,فخرجوا من المدينة و نزلوا أذرعات بالشام و هلكوا بها .
و ها هم أولاء بنو النضير ينقضون عهدهم اليوم بتأمرهم علي قتل رسول الله صلي الله علية و سلم بصورة مكشوفة واضحة.
إنة بعد أنتهاء وقعة أحد المؤلمة, جاء أبو البراء العامري زائرا المدينة فلاقي رسول الله صلي الله علية و سلم فعرض علية الأسلام فلم يسلم و لم يرفض , و قال للرسول صلي الله علية و سلم :لو تبعث إلي ديارنا بعثا من صالحي رجالك يدعون إلي امرك, فأني أرجوا أن يجابوا لذلك,فأبدي النبي صلي الله علية و سلم تخوفا علي أصحابة , فوعده أبو براء أنة سيكون جارا حتي لا يمسوا بسوء , فبعث الرسول صلي الله علية و سلم سبعين رجلا من خيرة الاصحاب.
و حدثت واقعة بئر معونة, و أستشهد فيها كل الأصحاب و أن عمرو بن أمية لما وقع في أسر عامر بن الطفيل أعتقة و عاد عمرو إلي المدينة , و في طريقة لقي رجلين من بني عامر بن الطفيل الذي أعتقة و عاد عمرو إلي المدينة و كان القتيلان معاهدين للنبي صلي الله علية و سلم و لم يعلم بذلك عمرو , و أخبر النبي صلي الله علية و سلم بالحادث فقال النبي صلي الله علي و سلم :"لأدينهما" و فعلا جاء ذووهما يطالبون بديتهما و كانت معاهدة اليهود تقضي بأن يدي كل من الطرفين ما لزمة من دية شرعية, فخرج النبي صلي الله علية و سلم مع أبي بكر و عمر و علي إليهم - أي بني النضير- يطالبهم بالإسهام في دية العامريين بموجب المعاهدة , فأنتهي إلي ديارهم و ذكر لهم ما جاء من أجلة , فأبدوا أرتياحا و أستعدادا و أنزلوة مع أصحابة منزلا حسنا في ظل جدار من بيت احدهم , وأظهروا أنهم يسعون في تحقيق طلبة , و أذأ بهم متآمرون علي قتلة , أذ قالوا : أنها فرصة قد لا تتاح لكم , فتخلصوا من الرجل بقتلة , و عينوا لذلك عمرو بن جحاش , فقال أنا بذلك , فقالوا نطلع علي السطح و نلقي علية رحي من فوقة نقتلة بها , و أنكر عليهم سلام من مشكم عملهم , و قال لا تفعلوا , لكنهم أجمعوا علي أن ينفذوا خطتهم القذرة هذة, و قبل أن يفعلوا بدقائق أوحي الله تعالي إلي رسولة صلي الله علية و سلم بما هموا بة من قتلة , فقام علي الفور كأنة يقضي حاجتة و دخل المدينة , و لما أستبطأ أصحابة قام و لحقوا بة فاخبرهم بمؤامرة اليهود , و أن خبر السماء قد سبقهم و كان آية المائدة قد نزلت في هذة الحادثة هي قولة تعالي(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)المائدة 11
و لهذة الحادثة أشباه , و تتلي الآية عند كل واحدة منها تذكيرا بنعمة الله و فضلة علي المؤمنين ليشكروا بالصبر و الطاعة.
و بعث إليهم صلي الله علية و سلم محمد بن مسلمة يأمرهم بالخروج من جوارة و بلدة لنقضهم العهد الذي بينهم و بينة فبعث إليهم المنافقون و علي رأسهم ابن أبي كبير المنافقين يشجعونهم علي البقاء و عدم الجلاء, و في ذلك يقول الله تعالي(كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الحشر15
و هم بنو قينقاع أهلكهم الله .
و لما لم ينصاعوا لأمر الجلاء لتشجيع المنافقين لهم , أعلن القائد الاعظم الحبيب صلي الله علية و سلم الحرب عليهم فولي علي المدينة ابن أم مكتوم , و خرج إليهم برجالة , فحاصرهم قرابة نصف شهر و أثناء ذلك هددهم بإحراق نخلهم و قطعة و فعلا أحرق بعض المؤمنين ظرفا و قطعوا بعضا و تألم لذلك بعض المسلمين و لا سيما لما قال اليهود للرسول صلي الله علية و سلم عهدنا بك تنهي عن الفساد و تعيب صاحبة , فكيف تأذن بإحراق النخيل؟و نزل في ذلك قولة تعالي(مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ)الحشر 5.
و نزل اليهود أخيرا علي حكم الرسول صلي الله علية و سلم منصاعين لأمرة , و هو أن يخرجوا من المدينة حاملين أموالهم علي إبلهم ما عدا الحلقة(السلاح) حتي لا يحاربوا بها مرة اخري , فأخذوا أموالهم الصامتة و الناطقة حتي أن أحدهم يهدم سقف بيتة و يحمل بعض أخشابة أو يهد نجف الباب ليأخذ الباب , و في هذا يقول تعالي(وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)الحشر 2-4.
و أجلي بنو النضير عن المدينة , و لم يسلم منهم إلا رجلان هما (يامين بن عمير و أبو سعيد بن وهب)فأحرزا أموالهما . و لما مر اليهود بخيبر , نزل سلام بن أبي الحقيق و كنانة بن الربيع و حيي بن أخطب, فاستقبلهم يهود خيبر بالطبول و المزامير و الغناء بزهاء و فخر كانهم أبطال فاتحون , و ما هم إلا خونة ناكثون مهزمون.
و قسم الحبيب صلي الله علية و سلم أموال بني النضير بين المهاجرين لا غير,إذ هم أصحاب الحاجة غير أنهم عالة علي الأنصار , هذا من جهة , و من جهة أخري فإن أموال بني النضير لم تكن غنائم أحرزت من حرب , و إنما كانت فيئا أفاءها الله علي رسولة بدون سفر و لا قتال , و في هذا يقول الله تعالي في سورة الحشر(وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(7))الحشر 6-7
إلا أنة صلي الله علية و سلم قد شكا لة أبو دجانة و سهل بن حنيف حاجة فأعطاهما خاصة دون بقية الانصار – رضوان الله عليهم أجمعين.
نتائج و عبر:
إن لهذة المقطوعة من السيرة العطرة نتائج و عبر نذكرها فيما يلي:
1-تقرير مبدأ أن نقض المعاهدة إعلان للحرب.
2-بيان الكمال المحمدي في الوفاء بالعهود و الألتزام التام بالعهد.
3-بيان سجية من سجايا اليهود,و هي نقض المعاهدات,و كذا الحال بالنسبة إلي الكفار إذ رأوا حاجتهم في النقض نقضوا , لكفرهم بالله و لقائة.
4-قد تقتضي الضرورة هدم الجسور و بعض الدور و قطع الاشجار للضرورة.
5-بيان أن الفئ خلاف الغنيمة صورة و حكما.
6-لوع اليهود بالمزامير و الطبول و الأغاني و الرقص و المجون في كل زمان.
7-بيان أن سورة الحشر جلها نزل في يهود بني النضير .
عبرة خاصة
عبرة لو كان هناك من يعتبر, إنة لما أخرج بنو النضير من ديارهم و تركوا خرابا , مر بها عمرو بن سعدي اليهودي, و كان متألها في بني قريظة لا يفارق الكنيسة , فرأي خرابها , و فقدان أهلها بعد أن كانوا يعمرونها , و لهم فيها طيب عيش و هدوء نفس و راحة بال , فأتي بوق الكنيسة فنفخ فية فاجتمع رجال بني قريظة , فذكرهم بحال بني النضير , و حال بني قينقاع من قبلهم و ما حل بهم من ذل و هوان و خسران , و قررهم بما يعرفون من التوراة ,و هو أن محمد هو النبي الخاتم , و أنة رسول الله صلي الله علية و سلم حقا و صدقا,و ان النجاة في اتباعة و الخسران في حربة و الكفر بة و معاداتة, فأقروا مما أكثر عليهم من الحجج و الشواهد و البراهين,فقال لة كعب بن أسد القرظي :ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من أتباعة؟؟قال :أنت يا كعب , قال كعب : فلم-و التوراة-ما حلت بينك و بينة قط؟؟قال الزبير بن باطا :بل أنت صاحب عهدنا و عقدنا فإن اتبعتة اتبعناة , و إن أبيت أبينا . فأقبل عمرو بن باط علي كعب فذكر ما تقاولا في ذلك إلي أن قال عمرو : ما عندي في أمرة إلا ما قلت : ما تصير نفسي أن أكون تابعا !!!!!
و هكذا يحمل الكبر صاحبة علي جحود الحق و انكاره و إن خسر نفسة و أهلة في الدنيا و الأخرة و هو الخسران المبين.
غزوة نجد
وبهذا النصر الذي أحرزه المسلمون في غزوة بني النضير دون قتال وتضحية توطد سلطانهم في المدينة، وتخاذل المنافقون عن الجهر بكيدهم، وأمكن للرسول صلى الله عليه وسلم أن يتفرغ لقمع الأعراب الذين آذوا المسلمين بعد أحد، وتواثبوا على بعوث الدعاة يقتلون رجالها في نذالة وكفران، وبلغت بهم الجرأة إلى أن أرادوا القيام بجر غزوة على المدينة.
فقبل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم بتأديب أولئك الغادرين، نقلت إليه استخبارات المدينة بتحشد جموع البدو والأعراب من بني مُحَارِب وبني ثعلبة من غَطَفَان، فسارع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخروج، يجوس فيافي نجد، ويلقي بذور الخوف في أفئدة أولئك البدو القساة؛ حتى لا يعاودوا مناكرهم التي ارتكبها إخوانهم مع المسلمين.
وأضحي الأعراب الذين مردوا على النهب والسطو لا يسمعون بمقدم المسلمين إلا حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال، وهكذا أرهب المسلمون هذه القبائل المغيرة، وخلطوا بمشاعرهم الرعب، ثم رجعوا إلى المدينة آمنين.
وقد ذكر أهل المغازي والسير بهذا الصدد غزوة معينة غزاها المسلمون في أرض نجد في شهر ربيع الثاني أو جمادي الأولي سنة 4 ه، ويسمون هذه الغزوة بغزوة ذات الرِّقَاع. أما وقوع الغزوة خلال هذه المدة فهو أمر تقتضيه ظروف المدينة، فإن موسم غزوة بدر التي كان قد تواعد بها أبو سفيان حين انصرافه من أحد، كان قد اقترب. وإخلاء المدينة، مع ترك البدو والأعراب على تمردهم وغطرستهم، والخروج لمثل هذا اللقاء الرهيب لم يكن من مصالح سياسة الحروب قطعاً ، بل كان لا بد من خضد شوكتهم وكف شرهم، قبل الخروج لمثل هذه الحرب الكبيرة، التى كانوا يتوقعون وقوعها فى رحاب بدر .
وأما أن تلك الغزوة التى قادها الرسول صلى الله عليه وسلم فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة 4 ه هى غزوة ذات الرقاع فلا يصح، فإن غزوة ذات الرقاع شهدها أبو هريرة وأبو موسى الأشعرى رضي الله عنهما، وكان إسلام أبى هريرة قبل غزوة خيبر بأيام، وكذلك أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه، وافى النبى صلى الله عليه وسلم بخيبر. وإذن فغزوة ذات الرقاع بعد خيبر ، ويدل على تأخرها عن السنة الرابعة أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيها صلاة الخوف، وكانت أول شرعية صلاة الخوف فى غزوة عُسْفَان، ولا خلاف أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق، وكانت غزوة الخندق فى أواخر السنة الخامسة.